الاثنين، 30 يناير 2017

إلى من فضّل أن يكون أُميّاً :

السلام عليك من الله ورحمته قبل أن تكون مني.
اما بعد.. فكلامٌ طويل :
يؤسفني ، بل ويحزنني ويدميني .
أن أُبلِغكَ ذاك البلاغ الآتِ من أقصى الصحراءِ حيثُ قلبِي إلى مملكةِ جِوارِك .
فأقول بنبرَة حزْمٍ وجزْمٍ قبل أيّ شيء : 
أنّك لستَ كاتِباً .
لستَ كاتباً ، بشفقةٍ أُبلغُكَ إيّاها .
فأنت كتبتَ لي الكثِيرَ من الحُب ، أهديتنِي بعضاً من الأشعار في ظلِ غيَابي ، وألقيتَ بسطرِ حكايةٍ على شرفِ اللِقاء .
وكُنت أحسبُني قارئَةً ، فظهَر أنني لم أقرأ.
لأن الكاتِب في تعريفٍ مُوجز : 
هو من "يكتُب نفسَهُ" .
وفي آخر "يُوفِي بمحتوى الكِتابة" .
وأنت لستَ من أهلِ التعرِيف .
وقد أدركتُك مُهمِلاً ، خائناً لكثيرٍ من ذاتِ الحرُوف .
فها أنا قد كتبتُ قبلَ رحيلي لتُدرِك أنك لقنتنِي الدرسَ "يا أُمُّي" حتى حفظتُه.
فاعتزلتُ القراءَة لأنَ ما حفظتُه صار بمثابَةِ كُل الكتب .
لا أرِيد أن ترحَم مقصَدِي فتعود بدفترٍ جديد ، ارِيدُك أن تبقَ مكانَكَ ؛ فلستُ أُطِيقٌ أُميّاً يدعِي الكِتابة بعد اليَوم .
والسلامُ مني عليكَ آخراً في نهايَةِ الرسالة .

أننِي لستُ أدرِي !

أهو الشجرُ عميقٌ أم أنا من يغُوص .
في جذورِه باحثاً عن ماءٍ ليعِيش .
أهو الصبح يُنادِي أم أنا من يفِيق .
من سُباتِهِ متيقناً حلُولِ آوانٍ جدِيد .
أهو السرابُ قريبٌ أم أنا من يسِير .
فباتَ يرحَمُ كِفاحِي وقرَرّ ألا يَرُوح .
أهو الكَفُّ صغيرٌ أم أنا من يفِيض .
فلستُ أكتفِي احتواءً ودوماً ما أزِيد .
ألِتساؤلاتِي حلٌ أم أنا من يُريد .
ويضلُ الجوابٌ رُغماً عني : أننِي لستُ أدرِي !

الخميس، 26 يناير 2017

افيض عشقاً بعدما غادرتِ هوائي .

لم أكُن أُطيق الحدِيث ، احْتمَيت بصمتِي ملجأً رغم إلحاحِكِ بالكلام .
حتى نهرتُكِ بتكبُّرٍ بحُجةِ الانزِعَاج فأحزنتُك .
وها أنا افيضُ عشقاً بعدما غادرتِ هوائي .
-
لم أكُن أحاوِل الوِصال ، اكتفِيت بنفسِي صُحبةً رغم مبادرتِكِ بالحُب .
حتى شاجرتُكِ بتعنُّفٍ بحجةِ الإنشغالِ فأبكيتُك .
وها أنا افيضُ عشقاً بعدما غادرتِ هوائي .
-
لم أكُن أُبادِل الشُعور ، ابقيتُ بقلبِي صُموداً رغم تمسُككِ بالصَبر .
حتى جافيتُكِ بتهكُّمٍ بحجةِ اللا مُبالاة فأغضتُك .
وها أنا افيضُ عشقاً بعدما غادرتِ هوائي .
-
لا انتظِرُ منكِ عودةً ، ولا آمل الرُجوع .
اريد ان يفعَلَها الزمنُ لأُغيّر الماضِي .
فلا انزعِج مِنك وأو انشغِل .
بل أفيضُ بِكِ عِشقاً وأنتِ في هوائِي .

الأربعاء، 11 يناير 2017

ارأفي بي ، انا نفسُك .

- سئمت منكِ ، ماذا بعد تِلك القصص المتكررة ، ماذا بعد الأقنعة المزوَرة ؟
ترتدينها لتخدعي أناسٌ جدد بالتكرار ذاتِه والقصص نفسَها .
ملّت شفتَيكِ من نفس الكلمات فجفّت ، لكِنكِ لا زلتِ ترطبّينها لتُكررِي الفِعل بلا أدنى شعورٍ بالذنب .
قُلتِ أنهم ضربُوكِ، أهانوكِ، لعِبو بِكِ وسخرو منكِ كثيراً حتى حزنتِ .
وما فعلتِ شيئاً غير تكرار الشَكوى .
ارأفي بي ، انا نفسُك .
أما لي عليكِ حق ؟ لا تُثقلِي كاهِلي بمُشفقِينٍ جُدد ، لا تعذِبينِي بمزيدٍ من جماهِيرك اللعينة .
او افعلي ؛ لأنني على كل حال فسَدتُ ولا شيء قادرٌ على إصلاحي .

حينما اقرر .

حينما اقرر اللحظة التي أنسى فيها كل شيء :
سأرتدي مئات الاقنعة حتى يضيع وجهي .
سأنتزع قلبي و اضعه في رفٍ كما لو انه كتاب .
سأتلذذ بأدويةٍ تضُرّ بي طمعاً بالشفاء .
سأتمرّد بالكلام حتى يفُّرَ نحو الصمتِ .
سأتحدى بحياتي الموت حتى تتوسلني البقاء .
في تلك اللحظة التي سأُصبِح فيها :
لن أكون قادرةً على الإبتسام سوى بقناعِي .
لن أكونَ نفسِي بل كُل شيءٍ عَدَاي..
و فوق كل شيءٍ لن أكون قادرةً على العودَة .
- لذلِكَ كُلّي خوفٌ أن أقدِر على اتخاذِها قراراً ذاتَ يوم..

أن يَرجِع الأقدمُون..

تراقِب الساعة ، تترقب ولُوج الدقيقةَ الأخيرة من موعِد اللقاء حتى تحِين .
لتمضِي مُجدداً وتدّق مُعلنةً انتهاءَه ، بلا حُضورٍ أو آتٍ من بعِيد .
تضلُ تُعيد الكرّة في كُل يوم ، على أملٍ بائس :
في أن يَرجِع الأقدمُون..

أعزوفة حُب #قصة .

كانت تُحبِه ، تهوى عزفَه عندَ زاوية المقهى شبهَ المضيئة بضوءِ مصباحها المكسور ، حيثُ يُغطِي نِصفها ستارٌ أحمر ممزقُ ، متدلٍ ذو نقوشٍ ذهبية غطتُها بقايا الغُبارِ العالقة بين ثناياها .
جالسٌ على الأريكة ، يعزِف أقطوعةً فريدة ذاتَ نغماتٍ متكرِرة ، يتردَدُ صداها في المقهى ؛ حيثُ لا ضجيجَ يُقاطِع ضجيجهُ ولا صوت ، من الساعة الحادية عشرة ليلاً حتى منتصف الليل كل يوم .
بدايةُ حبها ذاك حينَ أرادت ذاتَ مرةٍ أن تحتسي قهوةً سوداء بينما تعمل على بحثِها في وقتٍ متأخر ، و بسبب ضيق الوقت واستعجالها لبدء العمل دخلت آنذاك أقربَ مقهى إلى مقرِ عملها -والذي بات أكثر عتمة- .
طلبت حينها كوب قهوتها و شرعت في بدء العمل حتى قاطع حبل تفكيرها صوت العزف ..
سَحَرَها بجمالِه ، عيناهُ الزرقاوتان ووجههِ الشاحب ، لم يكن شاحباً حقاً بل ما تراءى لها خلال الضوء الخافت .
شفاهه المتشققة ، شعره المتطاير و المبتذل ، كل هذه اوصافٌ ذميمة فيه عدى أنها قد عاكست تماماً لباسهُ الفاخِر .. فكان كأميرٍ مُتشرِدٍ في عينيها .
في تلك الليلة حين سمعت عزفه لم تقاطعه ، رغم إلحاح قلبِها المستمر بسؤاله عن اسمه أو طلب مواعدتِه حتى ، ولطالما انتظرت إنتهاءه لتلك النية ، لكنها وكلما حان الوقت ما تستطيع فعل شيئ سوى التأمّل فيه بمكانها دون حراك .

وفي ذات يومٍ في منتصف العزف ، اعلنت المصابيح انقضاء أجلها فانطفأت ، انطفأت جميعها بلا استثناء ، وكانت هي تخَافُ من العتمة المُطلقة ..
اخذت تصرخ فزعاً ، تصرخ بلا توقف ، تصرخ دونَ أن يجيبها أحد ، كانت تطلُب اعادة الاضواء فلا صوت استجابة : حتى صوت العزِف انقطع انذاك .
وفي لمح العمى -وليس البصر فلا رؤية في الظلام- احتضنها جسمٌ ما ، كان عظيماً..
كانت تتحسسه اثناء نوبةِ صراخِها ، لم تُفزَع منه ، كانت تعرف تفاصِيل جسده ، يدان كثيفتا الشعر و ندبة على إحداها ، عرض جسده اثناء احتوائه لها ، كل شيء بدا لها مألوفاً ، هدأ صوتُها و بدأ بالانخفاض..
تشبثت باليدين التي تقيدانِها ، تشبثت جيداً ، لم تزل بذلِك الوضع حتى عادَ ضوءُ أحدِ المصابيح -وكأنه قرر إكمال المقاومة ليشهدَ الحَدث- ، فحينما عاد إلتفتت خلفها ، رأت الجاثي خلفها ، امير قلبِها المتشرِد..
افلتته و ولت نحو المنزِل ، بقيت بعيدةً عن ذلِك المقهى عدةَ اسابيع ، و حالما عادت وجدت أن جميع المصابِيح تعمل ، وأن المكان تغير فصارَ شبه جديد .
- عفواً ، اين الشاب الذي كان يجلس في تلك الزاوية كل يوم؟
سألت وهي تشير نحو الزاوية و بالُها مشغولٌ به ، وكل لحظات ذلك اليوم تمر في بالها ..
- لقد ترك العمل قبل عدة ايام بعدما دفعَ الكثير لنا لتجديد المحل ، قال انه سوف يلتحق بنادٍ للموسيقى و سيعود بعد ثلاثةِ شهُور .
شعرت بلوعةِ ما فَعَلت ، لم تسألهُ عن اسمه ولم تشكره أو تحادثهُ بشيء ، لكنها سوفَ تفعل مادام الأمل موجوداً بشكلٍ بسيط..
عمِلت في ذلك المقهى بعدما استقالت من مكتب العمل ، كان عُذرها انها تملك عملاً مصيرياً يجب عليها انهاؤه ، ضلت تترقب عودتَهُ بشغف ، تراها تنظر نحو البابِ حيناً و إلى زاويتهِ حيناً أُخرى ، حتى مرّت الشهُور الثلاثة .
عاد حينها أقل ضخامةً من ذي قبل ، بنفس الاناقة و نفس الملامح .
توجهّت إليه حالما رأته ، صافحته بحرارة وكادت أن تحتضنه ، لكنه لم يرّد عليها ولم يتحدث .
تسائلت في نفسها عن هدوئِه ، لمحتهُ يُخرج دفتراً من حقيبته و قلماً ، اخذ يكتُب ..
- لا أستطيع التحدث ، فأنا أبكم .
- لكنني افهم حديثكِ .
بعدها قرأت كلماته تلك لم تمنع نفسها ، احتضنتهُ بكل ما لديها و قالت في همس حُبٍ وعيناها تتلألئ بالدموع .
- سوفَ أكونُ منذ اليوم صوتك ، فقط اعزِف لي كُل يوم..
بادلها العناق هذه المرة ، ظلّا على تِلك الحالة لحظاتٍ عديدة ، حتى افلتَا بعضهُما ، حينها كتب على ورقةٍ أُخرى لها :
- انا احببتك منذ البداية ، كنت أعزُف للا شيء حتى وجدتِك شغوفةً بما أعزِف ، و تلك الليلة التي صرختِ فيها لم استطِع منع نفسي من احتضانِك ففاضَ منّي الحُب وخفت ألّا تعذُرِيني .. أنا احبك.

- انا احببتك منذ البدايةِ أيضاً ، حفظتُك وتفاصِيلَك حتى ما فَزِعتُك في الظلام ، لا أعذارَ في الحُب طالما هُو مُتبَادَل .. أحبك .

يتركنِي كومةَ خرابٍ و بقايا .

ما بال الحب هذه الايام؟ يغدو بائساً في كل مرةٍ اخِيبُ منه . 
كم باتَ في ناظِري دلالةً على هوسٍ مُمل ، و على جُبِنٍ و حماقة . 
لا أُدرِك أسبابَ وقوعي فيه ، ولا أعلم من أينَ له الحِيل ليتصيّدني . 
لكنني اضلّ في تساؤل مستمر ، وأستمر في دوامةٍ من التفكير : 
لِما بالرغم من كل الأمورِ أبقى طرِيدته ، يلاحقني اينمَا كُنت و مع من أكون . 
لِما يستنفذنِي حتى آخري ، يستهوِيني حدّ الهوَس . 
لما على الحب أن يثبتَ جدارتهُ فيّ ، أن يتركنِي كومةَ خرابٍ و بقايا .

السبت، 7 يناير 2017

إنه أوانُ السرُور .

جلسَت بجانِبهِ على ذات المقعد ، أبصرتهُ غارقاً في الأفقِ البعِيد بعد تلالِ القمح ، هزّت كتفهُ لتفِيقهُ ثم ابتدأت الحِوار :
- تشارِكني الصحبة؟ 
- وما تُريدين؟.
قالها بِبرودٍ ، فردّت بفضولٍ لقصتِه :
- قليلاً من الأُنس .
- لكِ ما تُريدِين .
- فاحكي لي عنكَ .
- أنا حطام السنِين .
- أما أصلحوكَ!؟ 
- بل تقاعَدوا مُضرِبين .
- قل لي بربِكَ ما حُجج المستنكِرين ؟.
- أَنّي بلا داعٍ قاومتُ الحنِين .
- أكُنتَ واصلاً لهم ؟.
- وباقٍ رُغمَ الظروف .
- كانُو قوماً جاهلين ..
قالتها مُختتمةً وطالَ الصمتُ حتى قطعهُ بالحدِيث :
- فقُصّي علي حديثَكِ .
- وما شأنُكَ بي ؟.
قالتها بأنينٍ ، فأجابَ بهمسٍ :
- أشارِكُك صُحبةً وبعضَ أُنسٍ .
- فاسألني لأُجيب .
- من أذاقكِ المُرّ ؟.
- حبٌ بِهِ عنكم اكتفَيت .
- أبادلَكِ الشعور ؟.
- بل أحاطَنِي بالشرُور .
- ما أرادَ مِنِك ؟.
- كلامٌ مُغلّفٌ بزُور .
- وهل أعطاكِ مقابلاً ؟.
- جُرحٌ قد لا يزُول .
- أأُعطيكِ مرهماً ؟.
- ما في بالِك يدُور ؟.
- كونِي حبيبتَي !
تبدّل القمحُ أمامَها إلى زُهور .
فتشبّثت بيدِه وأجابته بالموافقةِ حيثُ تقول :
- إنه أوانُ السرُور .

الجمعة، 6 يناير 2017

أشدُّ رقةً من الورد .

هي ترى نفسها في الورد اينما وجدَته ، تتأملُه كثيراً كما لو أنّه مِرآة .
تقطِفُ احدَها كما لو تنزِعُ نفسَها من هذا العالم ، تضعُها في آنيةٍ تحمِلُها معها متى ما أرادَتِ التأمُّل .
تجعل الساقُ تماماً بطولِ كفّ يدِها ، فتُداعِبه بطرف إبهامِهَا وبقيّة الأصابِع .
و لأن هذا ما كانت تراه :
فلم يُؤلِمها وجعٌ ذاتَ مرةٍ عدى إبصارِها لبتلةٍ اثناء سُقوطِها من عُنق وردَة .
ولم يُبكِها بكاءً حارّاً في حياتِها قط سوى ذبولٍ رأته في طريقٍ شِبه فارٍغ أحدَ أيامِ الربيع ..
كانت تلك المرأة كثيراً ما تُدعّي القوة .
وهي أشدُّ رقةً من الورد..

الاثنين، 2 يناير 2017

أُعاني ، و أنتَ لا تُبالِي..

لم تكن هذه سنتنا الأولى بالنسبة لي ، فقد خُضنا الكثير من الأحداث لوقتٍ طويل حتى باتت السنةُ لي كألفِ سنة ، رغم ذلك لم تتجرأ للتمسّك بي خلالها حتى بملاحظتك حاجتي ..
فلما أُعانِي و أنت لا تُبالِي ؟
-
ليست تلك المرَة الوحيدة التِي تألَمت فيها بسببك ، لطالما خدشتنِي بأنيابِك بغيّةَ قتلِي ، وانا كُنتُ كلما أنجو أعود إليك بنيّة الصلح التي لم تكن مرةً جاداً فيها ..
فلما أُعانِي و أنت لا تُبالِي ؟
-
لطالما كُنت أترقَبُك ، فأنت من يُباغِتني برحيلِه دوماً ويعودُ كشخصٍ جديد ، فأحاول اكتشافك في كُل مرة ولا أكاد انتهِي حتى أجِدُك مُغادراً عن دربِ الوصال ..
فلما أُعانِي و أنت لا تُبالِي ؟
-
ولِأضعَ حداً لإهتمامِيّ المُفرِط : قررتُ أتبّاع خُطاكَ بلا عودةَ أو رجوع .
فلا أكون من يُعاني مجدداً ، أو يُبالِي .