الأربعاء، 10 يونيو 2015

طبقٍ من ورد *

قدّم ليَ النسيانَ في طبقٍ من وَرد .
و أقطع لِي حبلَ تفكيريَ الطوِيل .
فلا وقت سأجعلهُ ضحيةَ إنتظارٍ بلا أمد ، أو أملٍ يُرجى ..
من ترقبِ رجلٍ خذلني برحيلهِ في الأمسِ ، بعدَ أن قالَ أنهُ : لن يترُكني!

كنتُ طيراً *

كنتُ طيراً أجوبُ السماء ، أخترقُ مداها .
كنتُ طيراً أخدشُ زرقتها ، بآثارِ مُروري .
كنتُ أنتمي إليها ، أنتمي إلى السماء .. وليسَ لي عُش!
فليسَ لي إحتياجٌ بأيةِ قيودٍ ، وأنا الحرُ في وسعةِ السماء!
حتى أتيتِ ، فكرهتُ السماءَ وأحببتُ السكَن .
أحببتُ قيودَ حُبكِ ، و رضيتُ أن أصبحَ عبودياً ، تحتَ وطأةِ تلكَ القيود .
فلم أعُد أطير ، أو أُزيِن السماءَ بخطِ طيراني كالسابِق .
إلى أن إهترأَ جناحايَ دونَ أن أُدرك ، بينما أنا في رحمِ ذلكَ العُش!
ومضتِ الأيام ، حتى إجتاحكِ غيرِي .
فلم أُفلِح في العودةِ إليكِ ، وأنتِ ترفضينَ رُجوعي .
دونَ أن تُحرريني من تلكَ العبودية ، و من تلكَ القيود ..
فلم يعد لي بعدكِ إنتماء ، لأيِ شيء!
فلا عُشكِ لأبقَى فيه ، أو سماءَ أسكُنها .
ولم أعد طيراً ، فليسَ لي جناحٌ سليم .

الثلاثاء، 9 يونيو 2015

ثُقبٍ يتسللُ منهُ النور . #نص

صعدتُ مبنى عالٍ في حيٍّ لم يرى النورَ يوماً ، أقصدُ الإهتمام .
و في ظلمةِ الليلِ التي غرقَ بها ، بلا مصابيحَ تُسعفُهُ مِنه .
كنتُ أنظرُ إلى ظلالِ الأجسامِ حينَ صنعتها العتمة ؛ لتجعلَ من نفسها أكثرَ وِحشَةً و إخافة!
أنظرُ ، أُحدِق ؛ لعلي أخشى شيئاً فأتركُ المكان ، أو لعلِّي أستوشحهُ فأُغادر ..
لكنني بقيت ..
ليسَ لشيءٍ سوى أن صديقاً دعانِي إلى هُنا ، ومن السوءِ أن أرحل .
عموماً .. مالأمرُ مع هذا المكان ؟ لما أحضرني إلى هُنا ؟
لستُ أعلم ، لكنني سوفَ أفعل حينَ يأتي .
كانَ قد قالَ لي أن أسبقَهُ إلى الأعلى ، ريثما هو يحضرُ شيئاً من السيارة ..
ذهبتُ إلى حائطٍ ما لأستندَ عليه ، أخرجتُ من جيبي سيجارةً و بدأتُ أُدخِن .
- لقد أتيت .
قالَ يُخاطبني بعدَ أن صعدَ إلى الأعلى ، إفترشَ السجادةَ التي يبدو أنها هي التي تأخرّ من أجلِ إحضارها .
وضعَ ما إشتريناهُ سوياً من مشروبات ثم دعاني للجلوس .
- لا ، من دون السيجارةِ تلك!
قالها و هو يسدُّ أنفه بيدٍ و يبعدني بالأُخرى .
طبعاً ..
كان هكذا دوماً ، يكرهُ عاداتِي القديمة .. رغمَ انهُ لا يعرفُ أصلها .
فقد كانت لي سوابقُ إجرامية ، بسببها هجرني كُلُ أصدقائي ..
إلا هو ؛ قد ظلّ يدعمني إلى أن خرجتُ من السجن .
لذلكَ ليسَ لديَّ صديقٌ إعزُ إليّ منه ، إن كانَ لديّ أصلاً .
- أرمِي السيجارة حالاً وإجلس ، لكي لا تفوتُكَ مُفاجأتي .
أيٌ مفاجأةٍ تلكَ التي يتحدثُ عنها في الظلام ؟ ربما يكونُ قد جُن .
أطفأتها بحذائي ثم جلستُ بجانِبه ، فأطفأ بدورِهِ هوَ الضوءَ الوحيد الذي ينيرُ مكاننا في الأعلى .
فغرِقنا كذلكَ في عتمةِ الأشياءِ من حولنا ..
- إنتظِر قليلاً ، سترى الأضواءَ التي حُرمتَ منها في سجنِكَ ، سأُبهِرُكِ بها!
كانَ يقولها و هو ينظرُ إلى الأعلى مترقِباً ، يتنظِرُ ولوجَ شيءٍ ما في السماء .
رِحتُ أنظرُ بذاتِي إلى السماء أيضاً ، ليسَ فضولاً إنما مجاراةٌ لذاكَ الصديق .
بعدَ بُرهةٍ ظهرَ ما كانَ يقصِد ، فقدْ بانتِ النجومُ في السماء.
- أُنظر لقد ظهَرَت لآن!
لفظها بإنبهار ، و لم أردَ عليه لإعجابي بالمنظر .
هذا ما كانَ يُريدنِي أن أراهُ إذاً ..
لقد عرفتُ الآن ، لا بدّ من وجودِ ثقبٍ في كلِ شيء ..
يتسللُ منهُ النور .
لهذا في الليلِ نجوم ، لهذا بينَ أصدقائي الخائبينَ صديقٌ وفيٌ واحد ..
وهذهِ الفكرة بحد ذاتِها نور .
- أنتَ صديقٌ جيد .
ربتتُ على كتفه ، فأجاب مازحاً :
ومنذُ متى كنتُ غيرَ هذا ؟
ضحكنا معاً ، وأخذنا نتسامرُ بينَ أضواءِ النجوم حتى حلّ الصباح .

الأحد، 7 يونيو 2015

شجرة ، شموخُها شُؤم .

أرفضُ التجولَ في حديقةٍ في فصلِ الخريف .
أخشى الإرتطامَ بشجرةٍ شمُوخُها شؤم .
فلا تستطيعُ الإنحناءَ لورقةٍ سقطت منها ، أو حمايتها من التَهَشم تحتَ وِطأةِ الأقدام!
أخشى الإرتطامَ بِها ، فأُصبحُ شامخاً أكثرَ مما أحتاج .

معركة ، نهايتُها خسارةٌ جمِيلة .

كنتُ لا أرى في الدنيا أملٌ ، ولا في السماءِ نور .
كنتُ أهوى كسرَ نفسِي ، وهجرِ أيةِ علاقات .
كنتُ أرى فيّ شموخاً لا يُهدم بوِحدتِي ، و في الناسِ أُضحياتٌ بسببِ بعضهم .. تُضحكُني !
كنتُ أرى في العلاقاتِ وهماً يخلقُهُ البشرُ في أنفُسِهِم كي لا يحزنُو ، وفي الوِحدةِ الحقيقة .. الملاذُ الأَجمل !
حتى وصلتُ إلى مرحلةٍ رفضتُ فيها محاولاتِ التقربِ مني ، خشيةَ أن أُصابَ بعدوًى ما .
فتسلّحتُ بشتّى الكلماتِ الفتاكةِ التي أملكُها ..
حتى أُردِدْتُ يوماً قتيلة .. ضحيةَ صداقة .
كنتُ حينها قد وقعتُ في فخِ علاقةِ من حيثُ لا أدري ، و بكلِ ما بذلتهُ من جُهدٍ لأردعَ خضوعِي لما سيحدُث .
لم أستطع الخروجَ من أرضِ المعركةِ إلى برِّ الأمانِ كما كنتُ آمل .
نعم ، كانت معركة ، فقد كانت مُجازفةً مصيريَة .. بسببها قد يتغيّر كلُ شيءٍ في حياتي !
آمنتُ بالنتيجةِ قبلَ حدوثها :
فإمّا الفوز ، والبقاءُ كما أنا ، مكسورةٌ نفسي .
و إما الخسَارة ، والتحوُل ، فأُصبِحَ بإعتقاداتِ أُخرى قد تُهلكُني في زمنٍ ما آخر بعِيد .
رغمَ كُلِ الإضطراباتِ التي حلّت في ذاتي .. لم أستسلم .
حتى خرجتُ منهكةً لا أقوى على الصمودِ أكثر ، نحوَ إنشاءِ علاقة .. كما كُنتُ لا أرغَب .
نعم ، فأنَا خسِرت !
صادقتُ حينها من فشلتُ في هزِيمتهِن ، كُنّ ثلاثةَ فتيات .
ومنذُ البدايةِ كانو يأبونَ تركِي ، حتى حينَ أرفُضُهم .
فكانَ مصيرُ قسوتي : اللِين ؛ لقُربهِم مني ، وتعليميّ كيفَ أن أقِي نفسي شرَهَا .
وحدتِي تبددت ، لكن خوفي لم يزل .
أجَل ، كانت الحقيقة التي تكسرني في البِداية هي رغبتِي بهِن ..
لكنَ خوفي من الفراقِ أدّى إلى كونِيَ هكذا ، لا أُريدُ التقدّم .
فلذلك ، قررتُ كسرَ خوفِي كما كسرتُ كل شيءٍ من قبل ، بالتقدم أكثر .
و للأسف .. خابَ ظنِي!
فبعدَ حينٍ ، ورغمَ تقدُمِي .. تراجعنَ الفتيات ؛ لشجارٍ وقعَ بينهُن ..
حتى حلّ الفراقُ كما كنتُ أخشى .
تشتت! ، كلهُنّ بدأنَ يُعاملننِي كحلِيفةِ الأُخرى .. وعدُوتِهِن .
فقررتُ ، بعدَ حينٍ من التفكير .. أن أتخطاهُن .
إلى الأمام ، لأننِي .. خشيتُ التراجُع .

____
شكراً لكُن على منحِي ضوءَ الشمسِ حينَ إحتلنِي الظلام .
و آسفةٌ لعدمِ إستطاعَتِي ردَّهُ لكُن ..

سجينُ الحُب #حوار قصصي .

- أنا سجين الحب ، في أرضِ الحروب .
- إختارتكِ الحياة ، لتموتِي في إِعدام .
- أللطيرِ السجِين ، أن يهربَ من المصير ؟
- وهل لأرضِ الحُروب ، أن يَعلنِ السلام .. وأنتِ هُنا تصنعينَ الأوهام ؟ .
- و ما أصنعُ من أوهَام ، يا مدّعي الكمال ؟
- حُبكِ الواهِي صنعَ الحُروب ، أسمعتِ يوماً بشجرةٍ لا تُجني المحصول ؟ .
- أللسجانِ أن يعفو ؟ أللجيوشِ أن تغفُر ؟
- سأصنعُ من موتكِ بدايةً لأملٍ في الحياة ، و سأجعلها أُسطورةً عُجَب ..
يا ناشرةَ الحُب ، يا صانعةَ الأوهَام .
- لن يذهبَ السلامُ .. حينَ أُعدم ، ولن يموتَ الحُب .. حينَ أموت .
فحينَ تقتلنِي مرَة : سأُولدُ من جدِيد .
وحينَ تعدمني ألفاً : سوفَ يبقى!

الوِحدةَ في كُلِ شيء #نص .

منذُ ساعةٍ واحِدة ، أتيتُ من المنزِل حيثُ كنتُ وَحْدِي .
لأبقى وحيداً من جديد ، في مكانٍ آخر ، بينما يوجدُ شخصٌ وحيدٌ آخرَ بالقُربِ مني .
ألقيتُ نظرةً إلى ساعتِي ، فأشَارَت بعقربِها الصغيرَ الوحِيد .. إلى الساعةَ الواحِدة : ساعةَ الوِحدة!
نظرتُ حولي أتأملُ غُرفةَ الإِنتظار .
كرسيٌ واحدٌ أجلسُ عليه ، تُقابِلهُ طاولةٌ وحِيدة ، و أمامها كرسيٌ آخر وحِيد يشغلُهَا رجلٌ وحِيد مُثلُها .. ومِثليَ كذلِك .
أمعنتُ في الجالسِ أمامي .. كيفَ له ألا يأبهَ بوِحدتِه ؟
كيفَ لهُ ألا يشعُرَ بِها ؟ أم أنهُ ليسَ وحيداً كما أحسُبُه أصلاً ؟ .
كانَ الرجلُ مُنهمكاً في قراءةِ كتابٍ ما بيدِه ، فَبَدَت على ملامح وجهِه آثارُ وحدةٍ بالِغة .. رُبما يكونُ مُتأَثراً مما يقرأهُ الآن ؟
رفعَ عيناهُ إليّ كما لو أنهُ قرأَ ما في زحمةِ بالِي من أفكار ، فأشحتُ بنظرِيَّ عنهُ خشيةَ أن يقرأَ المزيدَ مِنها ، إلى الساعةِ من جدِيد ..
تحركَ العقربُ الآخرَ في الساعةِ ؛ ليُشيرَ إلى مضيِّ دقيقةٍ واحِدَةٍ وحِيدة .. يالهُ من توقيتٍ وحِيد .
كنتُ أرى الوِحدةَ في كُلِ شيءٍ آنذاك ، كتلكَ الساعة الوحيدةَ على الجِدار ، و اللوحةَ الرديئة التي تُقابِلهَا على جدارٍ آخر ..
كحوضِ الزهورِ البالِ ، الخالِي من الزُهور ، و الماء ، بلا فائدةٍ تُستفادُ مِنه!
كالبابِ الوحِيدِ على إحدى الجُدران ، يطّلُ منهُ رجلٌ بينَ الحينةِ والأُخرى متأسفاً ، يطلبُ منّا إنتظارهُ لوقتٍ أطول ..
كمصباحٍ وحيدٍ شبهُ مُعتمْ ، بالكادٍ يمدُ ما يكفِي من الضوءِ لرؤيةِ المكان .
- كم الساعةُ الآن ؟
يسألُ الجالسَ أمامِي ، فأُجيب .
- ساعةٌ واحِدة منذُ مجِيئي ، ودقيقتان .
نظرَ الرجلُ إليّ بإستنكارٍ إزاءَ رديَ الغريب ، فلَم آبه بِه .. ورحتُ أُكمِلُ سرحانِي من جدِيد ..
ما بالُ الدقائِق لم تعُد وحيِدة ؟ أعليّ أن أبقى وحيداً لوحدِي الآن ؟
ثمّ تذكرتُ أن الوقتَ يمضِي ..
- سعود الفُلانِي ، الطبيبُ بإنتظارِك .
نادى رجلٌ آخرَ مختلفاً عمن سبقهُ ، يطلّ من البابِ لوحدِه .. ويفتحُ البابَ لي .
أسِفتُ على تركِي للرجلِ الذي شاركني الغرفةَ وحيداً ، لكننِي وبسرعةٍ بدَدتُ هذا الشُعور ..
جلستُ على كرسيٍ وحيدٍ في غرفةٍ أُخرى ، أماميَ رجلٌ وحيدٌ يرتدِي ملابسَ بيضاء ..
ينظرُ إليّ بإهتمامٍ ثم يسأَل :
مما تشكو اليومَ يا سعُود ؟
- أشكُو وِحدتِي يا دُكتور .

الخميس، 4 يونيو 2015

أيهّا العزِيز ..

أيها العزيز ..
فكرتُ ذاتَ مرةٍ أن أطلُبَكَ أمراً ..
فقد كُنتَ حينَها البدايةَ في حيرتي ؛
و صدمتي ؛ ودهشتي أيضاً !
في كِيفيةِ تحدِيقِكَ في أمري الغرِيب .
لكننِي ترددتُ في طلبكَ ذلكَ الأمرُ ..
خشيةَ ألا يُلبَّى .
لكِن وحينَ فكرتُ مُجدداً .. 
وجدتُ أنك الأولُ الذي رأى العيوبَ في نفسِي .
و أنكَ الوحيد الذي عرفَ بهيئة قناعِيَّ الشفاف .
ولذلكَ الأمرينِ وبرغمِ كُل تلكَ المخاوفِ صارَ لا بُدَ أن أسأل .
لأنني لن أضمنَ مُجدداً أن يُعطِيني القدرُ فرصةً أخرى لتسخيرِك لتحقيقِ مطلبي ..
لذلكَ أيهَا العزيز :
علمنِي بحرصٍ .. كيفَ أُمثلُ ذاتي ؟
أخبِرني كيفَ أجدُ نفسِيَّ الحقيقية ..
وكيفَ أكونُ "أنا" الضائعةُ بينَ فِكري ورغباتِي .
أيها العزِيز ..
أعلمُ قدرَ أنانيةِ مطلبِي ، وصُعوبتِه .
لكنني رأيتُ ..
أن كُلَ تلكَ الأُمور التِي حدقتَها فيَّ ..
ستكونُ ملجئي عندَ الحيرة ، ملاذي عندَ الضياع !
ورأيتُكَ الطريقُ الفاصِل ..
بينَ ذاتِي البعيدة ؛ وبيني .
أيُها العزِيز ..
أعلمُ كم أنَّ الطريقَ صعب .. وكم العوائقُ كثيرة !
لكنَك حينَ ستُرشِدني سأصِلُ أخيراً لمُرادِي .
وسأُحققُ رغبتِي أخيراً بعد أن كلفنِي ذلكَ الوقتَ الطويل .
لذلكَ وبتوسُل : أطلُبُكَ مُجدداً كي تُساعِدني ..
فهلا تفعَل ؟

يا مالكةَ قلبِي :

كالشمسِ بلا سماء .
كالروحِ بلا جسد ، و كالشُهب بلا أكوان .
هكذا هي حالُ أيامِي حينَ يغيبُ عنها ، وجودِك .
وكأنكِ لها خُلقتِ : مُكملة !
وأنَّ القدرُ جعلَ قلبي ، رهينةً بينَ يديكِ .
ما إن تُفلتِيني ، أسقط .. فأتأذى .
وانتِ تعلمينَ أنني أخشى السُقوط ..
أخافُ المسافة القريبة بيني و الأرض .
فبينَ يديكِ الأمان ، وفي الأسفل موتٌ ينتظر .
يبتلعُ القلوبَ بشراهة ، لتقعَ في سجنِ الظلام ، فيهِ تغلب الوِحشة .. وألفُ عامٍ من الوحدةِ لتعيشَ فيهِ القلوب حينَ تسقط .
يا مالكةَ قلبي بكُل مافيهِ من وجعٍ وحُب :
َأترضينَ على قلبي الآذى ، وهو مولعٌ بك ..
يخشى الإبتعادَ عنكِ ، يهوى البقاء ؟
دعيني أقترب لأُجاورَ قلبكِ بكُل مشاعره ، وإرفعيني بعيداً عن ذاكَ الجحيم .
دعيني أقترب ، لأصلَ إلى إستقراري ..
بالقُربِ منكِ ، حيث الامان .

بدايةُ كلِ شيءْ .

كالليلةِ الرابعةِ عشر ، حينَ يكتملُ القمرُ ليُصبِحَ بدراً ..
كالذِكرى حينَ تحلُ محلها : في لوحةٍ على جدارِ الذاكرةِ ، حيثُ لا تُنسى ..
كُحبِي لكِ ، الواضحُ جِداً ..
المُربِكُ حينَ الحدِيث ، المؤلمُ حينَ الفِراق ..
حينَ ملكتنِي أخيراً ، وحينَ طلبتُ عشقكِ ، وحينَ هممتُ باليقينِ أنكِ ملكي .
و كالزهرةِ حينَ تذبُل قد ماتَ عشقِي ..
كَصدمتِي العُظمى ، حينَ سبقتنِي إلى الموت .
العشقُ الأول ، و الحزنُ الأكمل .
و الخيبةُ الكُبرى ..
كنتِ البدايةِ لكلِ شيء !
أرأيتِ إلى أي درجةٍ أحببتُك ؟
و .. أرأيتِ كيفَ غدوتُ بعدك :
وحيداً ، أهلوسُ عن حاجتِي للموت ..
لأكونَ بقربِكَ ، من جديد .
حيثُ الآمانُ في حِضنك ، والسعادةُ في عِناق * .

جنونُ المنطق *

أتعلمينَ ما جنونُ المنطقِ عزيزتي ؟ 
هو أن أغفرُ لكِ ذنباً ماكانَ لأحدٍ أن يغفرَه .
وأن أهدمِ عشقي ؛ لأسبُلَ لكِ طريقاً تعيشيه دونَ تحسفٍ أو ندم .
وأن أضحِّي بوقتِي ؛ كي أواسيكِ فيمَن تركَك ، وأن أُشجِعكِ لتخُوضي الحُبَ الذي كرهتِهِ من جديد ..
هذا هُوَ جنونُ المنطق ، الذي قد صادفَ أنني وُصفتُ به .. لكنهُ فخرِي .
فما وُصفتُ به ، إلا بسببك ، ولأجلكِ لن اكرهَ وصفي .
فمَا ذنبُ عقلِي حينَ يُتهَمُ بالجُنون ، وهوَ واقعٌ في حُبكِ .. حتّى النِخاع .
ومَا ذنبُ قلبي حينَ لم يرغبْ ، في الإبتعاد ..
وقد أَحبّ مُجاورتِك ، رغمَ كونِكِ أبداً : لن تكونِي ملكِي ؛ بسببِ ما حالت إليهِ الظُروف ..
منعنا القدرُ من البقاءِ معاً ، وقد علّمنا أن السُفنَ لن تذهب سوى بما رغِبتْ بها الرِياح .
ولكني سأبقى أُحبِك ، ولنْ تكونِي ملكِي رُغمَ كُلِ هذا .