الأحد، 7 يونيو 2015

الوِحدةَ في كُلِ شيء #نص .

منذُ ساعةٍ واحِدة ، أتيتُ من المنزِل حيثُ كنتُ وَحْدِي .
لأبقى وحيداً من جديد ، في مكانٍ آخر ، بينما يوجدُ شخصٌ وحيدٌ آخرَ بالقُربِ مني .
ألقيتُ نظرةً إلى ساعتِي ، فأشَارَت بعقربِها الصغيرَ الوحِيد .. إلى الساعةَ الواحِدة : ساعةَ الوِحدة!
نظرتُ حولي أتأملُ غُرفةَ الإِنتظار .
كرسيٌ واحدٌ أجلسُ عليه ، تُقابِلهُ طاولةٌ وحِيدة ، و أمامها كرسيٌ آخر وحِيد يشغلُهَا رجلٌ وحِيد مُثلُها .. ومِثليَ كذلِك .
أمعنتُ في الجالسِ أمامي .. كيفَ له ألا يأبهَ بوِحدتِه ؟
كيفَ لهُ ألا يشعُرَ بِها ؟ أم أنهُ ليسَ وحيداً كما أحسُبُه أصلاً ؟ .
كانَ الرجلُ مُنهمكاً في قراءةِ كتابٍ ما بيدِه ، فَبَدَت على ملامح وجهِه آثارُ وحدةٍ بالِغة .. رُبما يكونُ مُتأَثراً مما يقرأهُ الآن ؟
رفعَ عيناهُ إليّ كما لو أنهُ قرأَ ما في زحمةِ بالِي من أفكار ، فأشحتُ بنظرِيَّ عنهُ خشيةَ أن يقرأَ المزيدَ مِنها ، إلى الساعةِ من جدِيد ..
تحركَ العقربُ الآخرَ في الساعةِ ؛ ليُشيرَ إلى مضيِّ دقيقةٍ واحِدَةٍ وحِيدة .. يالهُ من توقيتٍ وحِيد .
كنتُ أرى الوِحدةَ في كُلِ شيءٍ آنذاك ، كتلكَ الساعة الوحيدةَ على الجِدار ، و اللوحةَ الرديئة التي تُقابِلهَا على جدارٍ آخر ..
كحوضِ الزهورِ البالِ ، الخالِي من الزُهور ، و الماء ، بلا فائدةٍ تُستفادُ مِنه!
كالبابِ الوحِيدِ على إحدى الجُدران ، يطّلُ منهُ رجلٌ بينَ الحينةِ والأُخرى متأسفاً ، يطلبُ منّا إنتظارهُ لوقتٍ أطول ..
كمصباحٍ وحيدٍ شبهُ مُعتمْ ، بالكادٍ يمدُ ما يكفِي من الضوءِ لرؤيةِ المكان .
- كم الساعةُ الآن ؟
يسألُ الجالسَ أمامِي ، فأُجيب .
- ساعةٌ واحِدة منذُ مجِيئي ، ودقيقتان .
نظرَ الرجلُ إليّ بإستنكارٍ إزاءَ رديَ الغريب ، فلَم آبه بِه .. ورحتُ أُكمِلُ سرحانِي من جدِيد ..
ما بالُ الدقائِق لم تعُد وحيِدة ؟ أعليّ أن أبقى وحيداً لوحدِي الآن ؟
ثمّ تذكرتُ أن الوقتَ يمضِي ..
- سعود الفُلانِي ، الطبيبُ بإنتظارِك .
نادى رجلٌ آخرَ مختلفاً عمن سبقهُ ، يطلّ من البابِ لوحدِه .. ويفتحُ البابَ لي .
أسِفتُ على تركِي للرجلِ الذي شاركني الغرفةَ وحيداً ، لكننِي وبسرعةٍ بدَدتُ هذا الشُعور ..
جلستُ على كرسيٍ وحيدٍ في غرفةٍ أُخرى ، أماميَ رجلٌ وحيدٌ يرتدِي ملابسَ بيضاء ..
ينظرُ إليّ بإهتمامٍ ثم يسأَل :
مما تشكو اليومَ يا سعُود ؟
- أشكُو وِحدتِي يا دُكتور .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق